فصل: مسألة الكبير تصاب سنه فيأخذ ديتها ثم تثبت:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة



.مسألة ضربت يده بسيف فقطعت إحدى قصبتي يده:

وسئل عمن ضربت يده بسيف فقطعت إحدى قصبتي يده أترى فيه قودا؟ قال: نعم إن استُطيع ذلك وأرى الأطباء ومن يعرف ذلك يكون هو الذي يلي ذلك.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال، وهو مما لا اختلاف فيه؛ لأن كل جرح لم يكن متلفا فيقاد منه إلا ألا يستطاع على القود منه.

.مسألة الكبير تصاب سنه فيأخذ ديتها ثم تثبت:

وسئل عن الكبير تصاب سنه فيأخذ ديتها ثم تثبت هل يتبع الدية قبله؟ فقال: لا أرى ذلك، إذا يقع في ذلك اتباع وتخليط، وإنما أخذ ذلك حين أخذه بوجه الحق، ولعلها تثبت ليس على مثل حالها.
قال محمد بن رشد: اعتلاله في أنه لا يرد ما حكم له به من دية السن إذا ردها صاحبها فثبتت بقوله ولعلها تثبت ليس على حالها يدل على أن هذه المسألة بخلاف الذي يضرب فتبيض عينه أو ينزل الماء فيه فيأخذ الدية ثم يبرأ بعد ذلك أنه يرد الدية على ما قاله في المدونة؛ لأن بصره قد رجع إليه على ما كان والذي يدل على الفرق بين المسألتين أيضا أن الذي ضرب فابيضت عينه أو نزل الماء فيها لو رجع إليه بصره قبل أن يحكم له بالدية لم يكن له شيء باتفاق، لا من دية ولا من قصاص، والذي قلعت سنه إذا ردها فثبتت يقتص منه في العمد باتفاق، وتكون له الدية في الخطأ على اختلاف، وقد مضى تحصيل القول في هذه المسألة في سماع أصبغ من كتاب الديات وبالله التوفيق.

.مسألة جرح موضحة فصارت منقلة:

وسئل عمن جرح موضحة فصارت منقلة، قال: أرى أن يعطى عقل المنقلة فقط، قلت: أرأيت لو أصيبت من ذلك عينه فقال أرى أن يعطى عقل موضحة وعقل العين، قال: وقد كان أصيب بالمدينة رجل بمأمومة فسقطت من ذلك يده ورجله، فقضي له بعقل ذلك كله، عقل المأمومة واليد والرجل، قلت له: أرأيت ذلك؟ قال: نعم رأيت ذلك، قلت له: وأعجبك؟ قال: نعم.
قال محمد بن رشد: أما الذي أصيب بمأمومة فذهب منها يده ورجله فلا اختلاف في أن يقضى له بدية ذلك كله وكذلك الذي أصيب بموضحة فذهبت منها عينه لا اختلاف أيضا في أنه يقاد له من الموضحة فإن برأت ولم تذهب من ذلك يمينه كان له عقل العين، وأما الذي أصيب بموضحة فصارت منقلة فقد مضت والقول عليها مستوفى في أول سماع ابن القاسم فلا معنى لإعادته.

.مسألة أصاب يد رجل فقطع وهي سومة سليمة فأراد الاستقادة من يده:

وسئل عمن أصاب يد رجل فقطع وهي سومة سليمة فأراد الاستقادة من يده فأصابوا بها عيبا أو نقصا عثلا أو شلا وفيها استمتاع ومنفعة، فقال الذي أصيبت يده أنا أرضى أن أستقيد من يده هذه الناقصة فقال: أما الذي كان فيها استمتاع ومنفعة فإني أرى ذلك له وأما إذا لم يكن فيها استمتاع ولا منفعة فإني لا أرى ذلك له وأخاف أن يكون من العبث تكون العين بها النقص والضعف فيقول أنا أرضى أن استقيد منها فيكون ذلك له فإذا كانت ذاهبة قائمة فقال أنا أرضى أن استقيد بأبخسها منها لم أر له ذلك؛ لأن ذلك من العبث.
قال محمد بن رشد: أما إذا كانت جل منفعة عين الجاني أو يده باقية فلا اختلاف في أن المجروح بالخيار بين أن يستقيد منها بنقصانها وبين أن يأخذ عقل يده أو عينه.
وأما إذا كانت منفعتها كلها قد ذهبت أو جلها فاختلف في ذلك على ثلاثة أقوال أحدها أن له أن يقتص إن شاء وإن كانت منفعتها كلها قد ذهبت، وهو قوله في رسم المكاتب من سماع يحيى أنه إن شاء اقتص وقطع الشلاء التي فيها حقه، وإن شاء تركها وأخذ العقل، والثاني قول أشهب في المجموعة وكتاب ابن المواز أنه ليس له أن يقتص منها وإن بقي فيها منفعة إذا كانت جل منفعتها قد ذهبت، والثالث قوله في هذه الرواية وهو مذهبه في المدونة أنه إن كانت قد ذهبت منفعتها كلها فليس له أن يقتص، وإن كان بقي فيها منفعة وإن قلت فهو بالخيار بين أن يأخذ العقل أو يقتص.

.مسألة كل أمر لا يقدر على القود منه:

قال: وقال مالك: كل أمر لا يقدر على القود منه فليس فيه قود واللسان لا قود فيه فليس فيه قود، ويعقل له ذلك بقدر ما نقص من الكلام، فإذا قطع طرف اللسان فذهب منه الكلام كله ففيه الدية كاملة لا شك فيه، والعين تصاب فتكون قائمة قد ذهب بصرها ففيها الدية كاملة لا شك فيه، والذي قطع لسانه لا يقدر على القود منه وذلك مختلف، أخاف أن يؤخذ من لسانه مثل الذي قطع من لسان هذا فيمنعه ذلك الكلام، قال ويحلف الذي قطع طرف لسانه على ما ذهب من كلامه بعد تجربة ذلك، قال: وسئل عن حد ما يعرف به ما ذهب من السمع والبصر إذا ادعى أن قد ذهب كذا وكذا فقال في الذي ادعى أن قد ذهب من بصره كذا وكذا، قال ينصب له شيء ويخلى عن عينه فإذا انتهى بصره ربطت عينه الصحيحة وقيل له انظر بعينك التي أصيبت فينصب له ذلك في موضع، فإذا انتهى ذلك حول ذلك إلى موضع آخر حتى يستوي ذلك، فإن اختلف ذلك لم يصدق، وإن استوى ذلك وثبت أعطي من الدية بقدر ما نقص بصره من الغاية الأولى إلى حيث انتهى بصره حين ربط على عينه الصحيحة فأعطى ذلك وأحلف عليه، وقال في الذي يقول: ذهب من سمعي كذا وكذا قال يتباعد منه إنسان فيصيح به حتى إذا قال قد سمعته تحول له في ناحية أخرى يجرب بذلك سمعه، فإذا اتفق ذلك كان له العقل، وإن اختلف ذلك لم يكن له شيء، وإذا اتفق أعطي من ذلك بقدر ما نقص من سمعه ويستحلف على ذلك.
قال محمد بن رشد: قوله إنه لا يقاد من اللسان إذ لا يستطاع على القصاص منه مخافة أن يزيد أو أن ينقص هو مثل ما تقدم من قوله قبل هذا، وقوله إنه يحلف على ما ذهب من كلامه بعد تجربة ذلك يبين ما تقدم أيضا، والتجربة في ذلك إنما معناه اختبار دعواه ليعلم صدقه فيه من كذبه، فإن لم يتبين كذبه فيما يدعي حلف مع ذلك لاحتمال أن يكون كذب فلم يتبين كذبه للمختبرين له، وسيأتي في سماع يحيى وجه تقدير ما نقص من كلامه كيف يكون وما يكون له إن شك الشهود في قدر ما نقص من كلامه إن كان الثلث أو الربع.

.مسألة الصبي المدبر الذي لم يبلغ الخدمة يجرح إنسانا:

قال وسألته عن الصبي المدبر الذي لم يبلغ الخدمة يجرح إنسانا أيؤخر حتى يكبر ويبلغ العمل؟ فقال: نعم يؤخر حتى يكبر ويبلغ العمل، قيل أرأيت إن مات قبل أن يبلغ العمل أيذهب عقل جرح هذا المجروح؟ فقال: نعم، وكذلك الأمة التي لا عمل عندها إذا كانت مدبرة فجرحت تؤخر حتى تبلغ العمل وتكبر الجارية كيف تؤخر وما ينتظر بها؟ فقال: حتى يموت سيدها فتصيب مالا أو يكون شيء لها ألا ترى عثمان رَحِمَهُ اللَّهُ كيف جمعهما فقال: لا يكلف الصغير ولا المرأة غير ذات الصنعة الكسب.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة بينة لا إشكال فيها ولا وجه للقول وبالله التوفيق.
وسئل فقيل له جاءني صبي قد أثغرت أسنانه كلها إلا سنا واحدة فإنها تتحرك فقلت له أنزعها لك؟ فقال: نعم، فجعلت فيها خيطا ثم نزعتها فأقام ثلاثة أيام وقد كانت برجله قرحة؟ فقال له: أعتق رقبة فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين وما أدري أذلك عليك أم لا؟ إلا أنه إن كان أديته وإلا أجرت.
قال محمد بن رشد: إن علم أنه مات من قلعه لضرسه فالكفارة عليه واجبة، وإن علم أنه لم يمت من ذلك، وأنه إنما مات من القرحة التي كانت برجله أو من شيء عرض له فلا شيء عليه، وإن خشي أن يكون مات من قلعه لضرسه فهو الذي قاله في الرواية من استحباب الكفارة له، فإن كانت عليه وإلا أجر فيها، وبالله التوفيق.

.مسألة قاس أصبع المقطوعة أصبعه وأخذ قياس ما قطع منه:

وسئل عن طبيب استقاد من أصبع رجل لرجل قطعت أصبعه فقاس أصبع المقطوعة أصبعه وأخذ قياس ما قطع منه فقطع من أصبع القاطع بقدر ذلك القياس، فنقص من أصبع المستقاد منه أكثر من الذي قطع من أصبع المستقيد لطول أصابع المستقيد وقصر أصابع المستقاد منه، فقال: أخطأ وبئس ما صنع، فقلت له فكيف يصنع بمثل هذا؟ فقال: بعض الناس أطول أصابع من بعض فليقس الأنملة التي قطع بعضها، فإن كان ما قطع منها ثلثها أو ربعها قطع من أنملة هذا الثلث أو الربع، فعلى هذا الحساب يكون هذا، كانت أنملة قصيرة أو طويلة.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال وهو مما لا اختلاف فيه لأنه كما قطع الأنملة بالأنملة كانت أطول منها أو أقصر فكذلك إذا قطع جزءا منها يقطع من أنملة القاطع مثل ذلك الجزء كان أطول أو أقصر وإنما اختلف في الجرح في الرأس وفي عضو من الأعضاء كالذراع أو العضد ونحوه هل ينظر إلى قدر ذلك الجرح من رأس المجروح وذراعه، فإن كان الثلث أو الربع شيء في رأس الجارح أو ذراعه ثلثه أو ربعه أو ينظر إلى قدر الجرح فيؤخذ في رأس الجارح أو ذراعه ذلك القدر وإن أتى ذلك على رأسه كله أو ذراعه فقال أشهب الحكم في ذلك كالحكم في الأنامل إنما ينظر إلى ما يقع الجرح من رأس المجروح فيؤخذ من رأس الجارح مثل ذلك الجزء، واختلف في ذلك قول ابن القاسم، قال ابن المواز والأمر عندنا كما قال أشهب وقول ابن القاسم قديما إنه يقاس الشق حتى يؤخذ في رأس الجارح بطول الشق وإن استوعب رأس المستقاد منه يريد ولم يف بالقياس، قال فليس عليه غير ذلك وكذلك الجبهة والذراع يريد بطول ذلك ما لم يضق عنه العضو فلا يزاد من غيره، والصحيح عندي قول ابن القاسم هذا لا قول أشهب الذي اختاره ابن المواز؛ لأن الله تعالى يقول: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] فوجب أن يقتص من الجارح بمثل الجرح الذي جرحه في طوله وقصره؛ لأن الألم في الجرح إنما هو بقدر عظمه وطوله وقصره لا بقدره من رأس المجروح؛ لأنه إذا شق من رأس الجارح بطول ما شقه من رأس المجروح فقد استويا في الألم وإن كان الجرح من رأس أحدهما ربعه ومن رأس الآخر نصفه، ألا ترى أن الكافر يعظم خلقه في النار ليتضاعف عليه العذاب وبالله التوفيق.

.مسألة تضرب فتطرح جنينين لم يستهلا:

وسئل عن المرأة تضرب فتطرح جنينين لم يستهلا، فقال: فيهما غرتان ولو استهلا لكان عليه ديتان.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال وتستحق الغرتان في مال الضارب بشهادة شاهدين على الضرب أو بشهادة شاهد واحد مع يمين كل واحد من الورثة ويستوي فيه العمد والخطأ؛ لأنه أقل من الثلث فلا تحمله العاقلة، وأما الديتان إذا استهلا فتستحقا في الخطأ على العاقلة بالقسامة مع شاهدين على الضرب باتفاق أو مع شاهد واحد على اختلاف، ويجب في العمد القصاص مع القسامة إن كان الضرب في البطن باتفاق، وإن كان في غير البطن على اختلاف، وقد مضى الكلام على هذا كله مستوفى في رسم أول عبد ابتاعه من سماع يحيى من كتاب الديات وبالله التوفيق.

.مسألة ضربوه وشهود ينظرون فتفرقوا وقد شجوه أربع مواضح:

وسئل مالك عن نفر ثلاثة شرعوا جميعا في ضرب رجل واحد فضربوه وشهود ينظرون فتفرقوا وقد شجوه أربع مواضح، فقال مالك: إن أحب أن يحلف على أيهم شاء أنه شجه تلك الشجاج ثم أقيد منه، وقال ابن القاسم قال مالك: يحلف عليهم كلهم إن شاء ويقتص أو على من أحب منهم، فإن لم يحلف ونكل كانت عقول تلك الشجاج عليهم كلهم فإن كانت الشجاج ملاطي أو يقاد منه مما يكون دون الموضحة فله أن يحلف على أيهم شاء ويستقيد منه، فإن أبى أن يحلف بطل ذلك كله، وإنما يعطى اليمين إذا شهد الشهود أنهم شرعوا فيه، وكذلك لو شرعوا فيه فلم يشج إلا شجة واحدة وشهدوا عليهم بذلك حلف المشجوج على أيهم شاء واستقاد منه إذا لم يثبت الشهود أيهم شجه تلك الموضحة، فإن أبى أن يحلف عقلاه جميعا، قال ابن نافع: كل شيء لا يعقل فليس للمجروح إلا أن يثبت من جرحه فيستقيد، وإن لم يثبت وأبى أن يحلف حلف الجارح، وبرئ.
قال محمد بن رشد: قول مالك في هذه الرواية إن أحب أن يحلف على أيهم شاء أنه شجه تلك الشجاج ثم يقاد منه هو مثل قول ابن القاسم في سماع أصبغ بعد هذا في الفئتين يقران بأصل النايرة بينهما أو يقوم بذلك بينة ولا يشهد على جراحات بعضها بعضا أنه يحلف كل واحد منهما على صاحبه إذا عرف أنه به وأنه الذي جرحه ثم يستقيد منه، وهو الاستحسان على غير حقيقة القياس؛ لأنه مدع على الذي يدعي عليه منهم أنه جرحه، فالقياس ألا يكون له أن يحلف ويستقيد ممن يدعي عليه منهم أنه جرحه إلا بشاهد عدل على أنه هو الذي جرحه، فإن لم يكن عليه شاهد بجرحه إياه حلف المدعى عليه وبرئ ولم يكن على الأخر شيء لأنه لما ادعى على أحدهم أنه هو الذي جرحه فقد برأ الآخر، وكذلك إن نكل عن اليمين على قياس قوله إنه يحلف ويستقيد، يحلف المدعى عليه ويبرأ ولا يكون على الآخرين شيء إذ قد أبرأهما- بدعواه على الثالث وهو قول مالك في رواية ابن القاسم عنه، فإن لم يحلف ونكل كانت عقول تلك الشجاج عليهم كلهم، لا يصح إذا ادعى على واحد منهم أنه هو الذي جرحه، وإنما يصح ذلك إذا قال لا أحلف لأني لا أدري من جرحني منهم، ولا يكون عقل تلك الجراح عليهم إذا قال لا أدري من جرحني منهم إذا حلف كل واحد منهم أنه ما جرحه أو نكلوا كلهم عن اليمين، وأما إن حلف بعضهم ونكل بعضهم عن اليمين فيبرأ من حلف منهم، وتكون عقول تلك الشجاج على من نكل منهم عن اليمين، وقول ابن نافع في الملاطي التي لا عقل فيها في آخر المسألة وإن لم يثبت وأبى أن يحلف حلف الجارح وبرئ يبين ما قلناه من أنه إذا نكل عن اليمين في المواضح يحلف المدعى عليه ويبرأ ولا يكون على الآخر شيء، وبالله التوفيق.

.مسألة العبد يكون بين الرجلين فيشج العبد أحدهما موضحة:

ومن سماع عيسى بن دينار من ابن القاسم من كتاب أوله استأذن سيده قال عيسى بن دينار وسألت ابن القاسم عن العبد يكون بين الرجلين فيشج العبد أحدهما موضحة أو يشج أحدهما ورجلا آخر موضحتين أو شجهما جميعا موضحة موضحة، قال ابن القاسم: أما إذا أوضح أحد سيده قيل للآخر إن شئت فافتد نصفه بنصف دية الجناية، وإن شئت فأسلمه خالصا وإن جنى على أحد سيديه وعلى أجنبي بموضحتين أو منقلتين أو جائفتين كان العبد بينهما على أربعة أرباع فكان للأجنبي ثلاثة أرباعه، وللسيد ربعه، قلت لعيسى: أرأيت إن أوضح أحد سيديه بموضحة والآخر منقلة؟ قال: يقال للمجروح موضحة إن شئت فافتك نصفك بخمسين دينارا أو إن شئت فأسلمه، ولذلك تفسير.
قال محمد بن رشد: هذا بين كله على ما قاله، وذلك أنه إذا أوضح أحد سيديه بنصف موضحة هدرا لأنها جناية عبده عليه، فلا شيء له فيها، والنصف الآخر جنى عليه نصف شريكه، فوجب أن يكون شريكه مخيرا بين أن يسلم إلى شريكه المجني عليه النصف الذي له من العبد، وبين أن يفتكه بنصف أرش الموضحة كما قال، وأما إذا جنى على أحد سيديه وعلى أجنبي بموضحتين أو منقلتين أو مأمومتين فقوله إن العبد بينهما على أربعة أرباع للأجنبي ثلاثة أرباعه، وللسيد ربعه هو كما قال، وبيان ذلك أن الذي لم يجن عليه العبد من السيدين يخير في نصفه بين أن يسلمه إلى المجني عليهما شريكه والأجنبي فيكون بينهما بنصفين وبين أن يفتكه منهما بنصف جنايته عليهما، وذلك نصف موضحة نصف موضحة على كل واحد منهما إن كان جنى على كل واحد منهما موضحة موضحة ونصف منقلة نصف منقلة إن كان جنى على كل واحد منهما منقلة منقلة فإن أسلم نصفه إليهما ولم يفتكه كان بينهما نصفين لكل واحد منهما ربع العبد فيصير للمجني عليه من الشريكين ثلاثة أرباع الربع الذي صار إليه من شريكه والنصف الذي كان له، ثم يخير في النصف الذي كان له بين أن يدفعه إلى الأجنبي في نصف جنايته عليه موضحة كانت أو منقلة أو مأمومة، فإن دفعه إليه ولم يفتكه بقي في يديه ربع العبد وكان للأجنبي المجني عليه ثلاثة أرباعه كما قال، فهذا تفسير قوله.
وأما إذا أوضح أحد سيديه بموضحة والآخر بمنقلة فقول عيسى إنه يقال للمجروح موضحة إن شئت فافتك نصفك بخمسين دينارا وإن شئت فأسلمه فهو صحيح، والتفسير الذي أراد بقوله ولذلك تفسير هو أن المجروح موضحة يقول للمجروح منقلة قد جرحني كما جرحك فلا مطالبة له قبلي إلا بما زاد جرحك على جرحي، إذ لو جرحك موضحة كما جرحني لم يكن لواحد منا على صاحبه شيء في حصته من العبد، لوجوب التقاصص في ذلك بيننا على ما قاله سحنون وأصبغ وغيرهما من أهل العلم، فوجب أن أقاصك من عقل المنقلة وهو خمسون ومائة بعقل الموضحة وهو خمسون، فتبقى الجناية عليك بمائة جناها عليك العبد الذي نصفه لي ونصفه لك، فلا يجب علي في نصفي إلا خمسون، فأنا مخير بين أن أسلم نصفي من العبد إليك بالخمسين، وبين أن أفتكه بها، وهذا بين والحمد لله.

.مسألة يخدم الرجل عبدا له إلى أجل ثم يعدو عليه سيده الذي أخدمه فيقتله:

وسئل ابن القاسم عن الرجل يخدم الرجل عبدا له إلى أجل ثم يعدو عليه سيده الذي أخدمه فيقتله عمدا أو خطأ أو يعدو عليه أجنبي فيقتله، فقال: إن قتله سيده خطأ فلا شيء عليه، وإن قتله عمدا أخرج قيمته فيؤاجر للمخدم منها من يخدمه إلى ذلك الأجل الذي أخدم إليه، فإن انقضى الأجل قبل أن تنفذ القيمة رجع ما بقي منها إلى سيده وإن نفذت القيمة قبل الأجل فلا شيء له غيرها، وإن قتله أجنبي عمدا أو خطأ فالدية للسيد وليس للمخدم منها قليل ولا كثير.
قال محمد بن رشد: قد قيل إنه إن قتله السيد عمدا يأتي بعبد يخدم المخدم مكان العبد الذي قتل، فإذا انقضى أجل الخدمة رجع إليه عبده، وإن مات قبل الأجل لم يكن عليه في بقية الأجل شيء، والقولان في آخر كتاب الأمهات من المدونة، وقد قيل: إنه يشترى بالقيمة عبد يخدم المخدم مكانه، وهو قول المخزومي، وأما إذا قتله خطأ فلا شيء عليه كما قال لأنه أخطأ على نفسه، وأما إذا قتله غيره فسواء كان قتله إياه عمدا أو خطأ، وقد مضت هذه المسألة في رسم يشتري الدور من سماع يحيى من كتاب الخدمة.

.مسألة يصيبه الرجل بموضحة أو منقلة فينزى فيها فيموت:

ومن كتاب أوله أوصى لمكاتبه بوضع نجم من نجومه:
وسألته عن الرجل يصيبه الرجل بموضحة أو منقلة فينزى فيها فيموت وقد شهد على الضربة شهيدان، قال: إن مات في فوره ذلك ولم يعش بعد الضرب كانت له قيمته بلا يمين، وإن عاش بعد الضرب ثم مات فإنه لا يستحق قيمته بشهادة الشاهدين دون يمين، ولكن يحلف يمينا واحدة لمات من ذلك الجرح ويستحق قيمته، فإن نكل عن اليمين لم يكن على الذي جنى عليه إلا قيمة الموضحة أو المنقلة إن كانت منقلة، وقد ذكر بعض الناس أنه يستحقه بغير يمين، ولست أرى ذلك، قال: وكذلك النصراني يصاب بجرح فيشهد شهيدان على الجرح ثم يعيش، بعد ذلك ينزى في جرحه ثم يموت أن ولاته يحلفون يمينا واحدة ويستحقون ديته، ولا يستحقونها أبدا دون يمين إذا عاش بعد الضرب، فإن نكل وليه عن اليمين لم يكن له إلا عقل الجرح إن كان مما فيه عقل، وهذا كله قول مالك، قلت وكذلك النصراني إذا قتل وليه فأتى بشاهد واحد إنما يحلف يمينا واحدة مع شاهده ويستحق ديته؟ فقال: نعم كذلك هو يحلف يمينا واحدة مع شاهده ويستحق ديته، قال: وكذلك للعبد أيضا إذا قتل فأتى بشاهد واحد أنه يحلف مع شاهده ويستحق قيمته، وكذلك قال لي مالك لأنهما إنما يستحقان مالا ولا يستحقان دما، قلت فإن كان أولياء النصراني غير واحد وسادة العبد واحدا فأتى بشاهد واحد أو شهد رجلان على جرحه ثم عاشا بعد ذلك ثم ماتا هل يجزي أن يحلف في كلا الوجهين رجل واحد من أولياء النصراني يمينا واحدة وواحد من أرباب العبد يمينا واحدة ولا يجزي يمين رجل واحد من النصراني حتى يحلف كل من يرث النصراني، يمينا يمينا وكل من له في العبد المقتول شقص يمينا يمينا مع شاهده الواحد أو مع شهادة الشاهدين إذا عاش بعد، قال: لا يجزي إلا أن يحلف جميع أولياء النصراني وجميع أرباب العبد، ومن حلف من أولياء النصراني وأرباب العبد أخذ حقه.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة على أصله في المدونة ومذهبه فيها وما يأتي في الرسم الذي بعد هذا وما مضى في أول رسم من سماع أشهب من كتاب الديات وفي رسم المجالس من سماع أصبغ منه، وقد قيل إن دم النصراني لا يستحق بالشاهد مع اليمين، وهو قول أشهب وظاهر ما في رسم المكاتب من سماع يحيى من كتاب الديات، وفي المسألة قول ثالث وهو أن أولياء يحلفون مع شاهدهم خمسين يمينا ويستحقون ديته، وهو قول المغيرة، وقد مضى هذا كله مستوفى في رسم المكاتب من سماع يحيى من كتاب الديات، وقوله وقد ذكر بعض الناس أنه يستحقه بغير يمين هو قول مالك في المدنية من رواية محمد بن يحيى السبائي عنه، وقد ذكرنا ذلك أيضا في سماع أشهب من كتاب الديات.

.مسألة العبد يقتل العبد ولم يشهد على قاتله إلا رجل واحد:

ومن كتاب شهد على شهادة ميت:
قال عيسى قال ابن القاسم قال مالك في العبد يقتل العبد ولم يشهد على قاتله إلا رجل واحد، قال: يحلف رب العبد المقتول يمينا واحدة مع شاهده ويستحق بذلك العبد القاتل، كان قتله إياه عمدا أو خطأ ولا يقتل العبد القاتل بيمين سيد العبد، ولكن يستحقه بيمينه ويستحييه، وليس له أن يقتله، ولو شهد شاهد على أن عبدا ضرب عبد رجل فنزي في ضربة فمات، وشهد على ضربه رجل عدل ولم يشهد على قتله، قال: يحلف سيد العبد المقتول يمينا واحدة بالله الذي لا إله إلا هو لمات من ضربه ثم يستحق العبد بيمينه ولا يقتله ولكن يسترقه إن أحب.
قال محمد بن رشد: قوله إنه يحلف يمينا واحدة لمات من ضربه معناه أنه يحلف لضربه ومات من ضربه، وإنما يحلف من ضربه لا أكثر إذا شهد بالضرب شاهدان على ما مضى في الرسم الذي قبل هذا، وقد مضى أيضا من معنى هذه المسألة زيادات في أول رسم من سماع أشهب من كتاب الديات وبالله التوفيق.

.مسألة الجارية تقتل رجلا فيبيعها سيدها ويكتم ذلك منها:

وسألت ابن القاسم عن الجارية تقتل رجلا عمدا أو خطأ أو تجرح رجلا فيبيعها سيدها ويكتم ذلك منها أو لا يعلم بذلك البائع ولا المشتري حتى تلد من المشتري أولادا ثم يقوم عليها أهل الجناية، قال ابن القاسم أما إذا كان قتلها عمدا دفعت إلى أولياء المقتول فإن قتلوا نظر إلى قيمة ولدها، فإن كان قيمة ولدها مثل الثمن الذي اشتراها به فلا شيء للمشتري على البائع، وإن كان قيمة ولدها أدنى من ذلك الثمن رجع عليه بما بين قيمة ولدها والثمن الذي اشتراها به، وإن كانت قيمة ولدها مثل الثمن أو أكثر لم يرجع الولد عليه بشيء، ولم يرجع البائع على المشتري بفضل قيمة الولد على الثمن، قلت أرأيت إن استحييت أيكون أولياء المقتول مخيرين بين ثمنها الذي باعها به وبين قيمتها يوم يحكم فيها؟ قال: نعم إذا استحيوها فهم مخيرون بين الثمن الذي بيعت به يأخذونه من البائع، وبين القيمة يوم يحكم فيها يأخذونها من المشتري، فإن اختاروا الثمن أخذوه ومضى البيع، ولم يكن لهم على المشتري قليل ولا كثير، وإن اختاروا القيمة أخذوا القيمة من المشتري ورجع المشتري على البائع فأخذ منه الثمن كله، قلت ولا ينظر في قيمة ولدها للبائع إذا استحييت كما ينظر له في قيمتهم إذا قتلت؟ قال: لا ينظر في قيمتهم إذا استحييت وليس يوضع عنه لقيمة ولدها من الثمن قليل ولا كثير، قلت أرأيت إن كانت القيمة التي أخذ من المشتري أقل من الثمن أيرجع المشتري على البائع بجميع الثمن أم بالقيمة التي أخذ منه؟ قال: بل بجميع الثمن الذي دفع إليه لأنه بمنزلة رجل باع جارية ليست له فاستحقت في يد المشتري وقد فاتت عنده فأخذ منه قيمتها، فهو يرجع على البائع بجميع الثمن كانت القيمة أكثر من الثمن أو أقل، قال ابن القاسم: إلا أن يشاء سيد الجارية أن يدفع إليه ألف دينار دية المقتول، ويكون له الثمن كله كان أكثر من الدية أو أقل، قلت: أرأيت إن كان البائع عديما والثمن الذي باعها به أكثر من القيمة؟ فقال: نحن نأخذ القيمة من هذا المشتري ونتبع البائع بما بين الثمن والقيمة أيكون ذلك لهم، قال ابن القاسم: لا يكون ذلك لهم، وإنما لهم أن يختاروا القيمة يأخذونها من المشتري أو الثمن يأخذونه من البائع، فإن اختاروا الثمن لم يكن لهم على المشتري قليل ولا كثير وإن كانت القيمة أكثر من الثمن، وإن اختاروا القيمة لم يكن لهم من الثمن على البائع قليل ولا كثير وإن كان أكثر من القيمة والثمن كله للمشتري يأخذه من البائع إلا أن يشاء البائع أن يدفع إليه الدية ويكون له الثمن كله فذلك له، وليس للمشتري ولا لأهل الجناية من الثمن قليل ولا كثير وإن كان أضعاف الدية إذا رضي البائع أن يدفع الدية، قال وأما إذا كان قتلها خطأ أو جنايتها جراحات فإن الجراحات إذا كانت مما فيه العقل عمدا كانت أو خطأ والقتل خطأ سواء لأنه ليس في شيء من ذلك قصاص، فإنه يقال للبائع اغرم جناتها، فإن غرم جنايتها مضى البيع ولم يكن عليه أكثر من غرم الجناية، وفي سماع أصبغ قال ابن القاسم: فإن أبى أن يغرم الجناية أخذ منه الثمن فأعطيه المجني عليه، إلا أن تكون القيمة أكثر من الثمن فيرجع على المشتري ببقية القيمة عن الثمن لأنه كان له أن يأخذ المبتاع بالقيمة كلها إن شاء؟ قال أصبغ: فإن أخذ بقية القيمة من المبتاع رجع المشتري على البائع بقيمة العيب فقط إذا لم يكن المشتري علم به، وهو ما بين قيمتها جانية وقيمتها غير جانية فيرجع بالذي أصاب العيب إلا أن تكون قيمة العيب أكثر من الذي أخذ من المبتاع في بقية القيمة، فإن كان أكثر فليس له إلا ما أخذ منه؛ لأن الجناية لم تضر به، وإنما يرجع بالعيب حين أضرته الجناية فإذا لم تضره لم يرجع بشيء، فإن كان قيمة العيب أقل لم يكن على البائع غيره مع الثمن الذي أخذ منه، فإن وجد البائع المجني عليه عديما أخذ المشتري بالقيمة كلها ورجع المشتري على البائع بالثمن وبما بين القيمتين على التفسير الذي فسرت لك، والقيمة التي تؤخذ من المشتري أو يؤخذ تمامها إنما هو قيمتها يوم قام المجني عليه ليس قيمتها يوم جنت ولا يوم اشتراها ولا يوم أحبلها لأنها لو ماتت قبل ذلك لم تكن تلزم المشتري، ولو ماتت في يدي البائع ولم يبع لم يضمن من الجناية شيئا.
قال محمد بن رشد: الجارية الجانية هذه تباع فتفوت عند المبتاع بولادة قبل قيام المجني عليه بجناية أصلها في المدونة، وهي مسألة حسنة إلا أن وجوهها غير مستوعبة، وفي بعضها اعتراض واختلاف، منه ما هو منصوص عليه، ومنه ما يتخرج بالمعنى على الأصول، فأما إذا كانت الجناية عمدا فيها القصاص فاقتص أولياء المقتول منها فقتلها فاختلف بماذا يرجع المشتري على البائع؟ فقال في الرواية إنه إن كان في قيمة الولد وفاء بالثمن الذي دفع رجع إليه لم يرجع عليه بشيء، وإذا لم يكن فيها وفاء بالثمن الذي رجع عليه ببقية الثمن، ومعنى هذا عندي إذا كان المشتري قد علم بجنايتها، وأما إن لم يعلم بذلك ودلس له به البائع فينبغي أن يرجع على البائع بجميع الثمن ولا يحاسب فيه بشيء من قيمة الولد وفي محاسبته بقيمة الولد إذا علم بجنايتها نظر؛ لأنه إما أن يحكم للولد بحكم الغلة أو بحكم أمه، فإن حكم له بحكم الغلة وجب له الرجوع بجميع الثمن، وإن حكم له بحكم أمه وجب أن يفض الثمن على قيمة الأم وقيمة الولد يوم البيع، فيرجع على البائع بما ناب الأم من الثمن، وأما إذا لم يرد صاحب الجناية القصاص أو كان القتل خطأ فيحلف البائع ما علم بالجناية أو ما باعها وهو يريد حمل الجناية على ما قاله في المدونة، فإن حلف ورد الدية ثبت البيع وصح له الثمن، وإن أبى أن يؤدي الدية كان أولياء الجناية بالخيار بين أن يجيزوا البيع ويأخذوا الثمن من البائع ويمضي البيع للمشترى وبين أن يأخذوا القيمة من المشتري لفواتها عنده على ما قاله في الرواية، ولم يكن لهم عليه من قيمة الولد شيء لأن الأمة إذا جنت ثم ولدت بعد الجناية لم يدخل ولدها في الجناية، فإن أخذوا القيمة منه رجع بجميع الثمن على البائع ولم يحاسبه البائع في ذلك بقيمة الولد، بخلاف إذا اقتص منها، والفرق بين الموضعين أنها إذا قتلت قصاصا فكأنها باقية على ملك البائع إلى أن قتلت، فكانت له في الولد شبهة وجب أن يحاسب بقيمة الولد من أجلها وإذا لم تقتل وإنما أخذ أولياء الجناية منه قيمتها فالقيمة إنما يأخذونها منه يوم وطئها فحملت، وإذا أخذت القيمة منه يوم حملت وجب أن يرجع على البائع بجميع الثمن ولا يحاسب فيه بشيء من قيمة الولد لأنهم إنما حدثوا بعد موجب القيمة عليه فيها بحملها، وقد قال أصبغ في آخر المسألة: إن القيمة التي تؤخذ من المشتري ويؤخذ منه تمامها إنما هو قيمتها يوم قام المجني عليه ليس يوم جنت ولا يوم اشتراها المشتري ولا يوم أحبلها، فعلى قياس قوله: إذا رجع بالثمن يحاسب فيه بقيمة الولد كما إذا قتلت.
فيتحصل في المسألة ثلاثة أقوال أحدها أنه يحاسب البائع بقيمة الولد قتلت أو أخذت منه القيمة، والثاني أنه لا يحاسب بقيمة الولد قتلت أو أخذت منه القيمة فيها، والثالث الفرق في ذلك بين أن تقتل أو يؤخذ منه قيمتها، وللمشتري إذا أراد أولياء الجناية أن يأخذوا القيمة منه أن يؤدي إليهم الدية ويرجع على البائع بالأقل من الثمن أو الدية على ما قاله في المدونة ورواية أصبغ عن ابن القاسم في أن لأولياء الجناية أن يأخذوا الثمن من البائع وبقية القيمة من المشتري وبقية الثمن من البائع إن كان الثمن أكثر من القيمة خلاف رواية عيسى عنه في أنهم إذا أخذوا الثمن من البائع لم يكن لهم على المشتري شيء، وإذا أخذوا القيمة من المشتري لم يكن لهم على البائع شيء ورجع المشتري عليه بجميع الثمن، وقول أصبغ: إنهم إن رجعوا على المشتري بما زادت القيمة على الثمن يرجع المشتري على البائع بقيمة العيب إلا أن يكون ذلك أكثر من الذي رجعوا به عليه صحيح على قياس روايته عنه.
وأما قوله إنهم إن رجعوا على المبتاع بالقيمة وهي أكثر من الثمن رجع المبتاع على البائع بالثمن وبما بين القيمتين على التفسير الذي فسرت لك يريد بقوله على التفسير الذي فسرت لك أنه يرجع بالأقل من قيمة العيب وبما زادت القيمة على الثمن، فهو مفسر لروايته عن ابن القاسم ولرواية عيسى عنه، وقد قيل إنه خلاف لرواية عيسى عنه وأن الذي يأتي لروايته عنه إذا رجعوا على المبتاع بالقيمة وهي أكثر من الثمن أن يرجع المبتاع على البائع بما رجع به عليه إن كان دلس عليه بالجناية وإن كان لم يدلس عليه بها لم يكن له أن يرجع عليه إلا بالثمن وبالله التوفيق.